بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
نزلت هذه السورة في وقعة بدر ، وكان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، وكان المشركون تحت الألف ، فانتصر المسلمون على المشركين .
13 – (قَدْ كَانَ لَكُمْ ) يا أهل مكة (آيَةٌ ) أي دلالة ظاهرة على صدق محمّد (فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ) أي فرقتين اجتمعتا ببدر من المسلمين والكافرين (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ ) وهم المسلمون (وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ) وهم المشركون (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ ) يعنى أنّ المشركين يرون المسلمين مثليهم في العدد (رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي في ظاهر العين ، فإنّ الله تعالى كثّر المسلمين في أعين الكافرين ليرهبوهم ويخافوهم (وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أي في ظهور المسلمين مع قلّتهم على المشركين مع كثرتهم (لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ) فاعتبروا يا أهل مكّة بِهذه الحادثة وأسلموا .
19 – (إِنَّ الدِّينَ) أي الطاعة (عِندَ اللّهِ) هو (الإِسْلاَمُ) أي الاستسلام لأوامر الله والانقياد لرسوله (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ) معناه وما اختلف اليهود والنصارى فيما بينهم (إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ) في الكتب السماوية ، فالتوراة أخبرت بمجيء عيسى ، والإنجيل جاء مصدّقاً للتوراة فينبغي أن لا يكون بينهما اختلاف ولكن اختلفوا (بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) أي حسداً وعداوة فيما بينهم (وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ) أي بكتبه وأنبيائه ، وذلك أنّ اليهود كفروا بعيسى والإنجيل ، وكفرت اليهود والنصارى بمحمّد والقرآن (فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ) أي سريع العقاب ، فيعاقبهم على اختلافهم وعلى كفرهم .
21 – (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ) أي يكفرون بالكتب السماوية ويجحدونَها (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ) أي بغير ذنب اقترفوه ولا جريمة اكتسبوها ، وهم اليهود كانوا يقتلون الأنبياء ومن ذلك زكريا ويحيى وأرادوا صلب المسيح (وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ) أي بالعدل (مِنَ النَّاسِ) وهم كهنة بني إسرائيل (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) يعذّبون فيه يوم القيامة .
22 – (أُولَـئِكَ الَّذِينَ ) كفروا والذين قتلوا الأنبياء والذين قتلوا الكهنة (حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) الصالحة ، أي ضاعت فلا يؤجرون عليها (فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) لأنّهم كفروا بما أنزل على محمّد كما قتل آباؤهم الأنبياء والكهنة (وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) يدفعون عنهم العذاب يوم القيامة .
وإليك ما جاء في التوراة من قتلهم الأنبياء والكهنة ، فقد جاء في الاصحاح التاسع عشر من الملوك الأوّل قال "وكان كلام الربّ إليه يقول له ما لك ها هنا يا إيليّا ، فقال قد غرتُ غيرة للربّ إلاه الجنود لأنّ بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها ."
أمّا ما جاء في قتل الكهنة ففي الإصحاح الثاني والعشرين من صموئيل الأوّل قال "فقال الملك لداواغ دُر أنت وقع بالكهنة ، فدار داواغ الأدومي ووقع بالكهنة وقتل في ذلك اليوم خمسة وثمانين رجلاً لابسي أفود كتّان ، وضرب نوب مدينة الكهنة بحدّ السيف ."
منقول من كتاب
تفسير المتشابه للمرحوم محمد علي حسن